صوره تملأ صفحات الجرائد الأمريكية واسمه يتردد في العديد من مقالاتها وعلي رأسها «نيويورك تايمز» وأخباره تتواترها الجاليات الإسلامية من شتوتجارت الألمانية إلي بروكلين ونيوجيرسي الأمريكيتين، بينما الدعوات تنهال عليه دون أن يسمع عنه سوي القليلين في القاهرة، إنه الداعية الإسلامي رضا شطا، المصري ذو الشهرة العالمية الواسعة، والذي حقق معادلة صعبة فاز من خلالها بحب الجالية الإسلامية وتقدير الأمريكان، لدرجة أن كتابا عنه بعنوان «إمام في أمريكا» ستصدره عنه قريبا جريدة «نيويورك تايمز».
بوجه بشوش وترحيب حار، استقبلنا الإمام شطا، إمام وخطيب مسجد «الأمان» في ضاحية نيوجيرسي الأمريكية، في مكتبه الملحق بالمسجد الذي تمتلئ أرففه بالعشرات من كتب الفقه والتفسير التي تكشف عن نهمه للقراءة وشغفه بالاطلاع، ولكنه قبل أن يخرج للقاء حمل معه لفة من ٣ أعداد لصحيفة «نيويورك تايمز» الصادرة أيام ٥ و ٧ مارس ٢٠٠٦ و٢٨ يناير ٢٠٠٧، ليبدأ بعدها في الحديث باستفاضة عن اللقاءات، التي يجريها معه الصحفيون الأجانب للجرائد المطبوعة والإلكترونية، التي يحتفظ بنسخها جميعا لاسيما بعدما عرف بآرائه الدينية المعتدلة الساعية دوما إلي التوفيق وإيجاد صيغ تفاهم مشتركة لا بين الثقافات والديانات والمجتمعات المختلفة فحسب بل إلي توفيق الآراء بين المسلمين المنقسمين علي أنفسهم.
إلا أنه ورغم تلك الشهرة، فإن ثمة لمحة حزينة تظهر في عيني الشيخ شطا عند ذكر اسم مصر، التي لا يدخلها الآن إلا زائرا، منذ أن تخرج في جامعة الأزهر وسافر للعمل مدرسا للتربية الدينية في المملكة العربية السعودية حيث مقت تشددها وتزمتها فعاد أدراجه إلي مصر لفترة وجيزة قبل أن يغادرها للهجرة إلي مدينة شتوتجارت في ألمانيا، وهناك عمل داعية إسلامي، وذاع صيته حتي تهيأت له فرصة السفر إلي ضاحية بروكلين التي تضج بالعرب في الولايات المتحدة بناء علي دعوة وجهت إليه قبل أن ينقل منها إلي ضاحية نيوجيرسي المليئة أيضا بالعرب لكنها الأكثر رقيا من بروكلين.
ويقول الشيخ رضا شطا: «يؤلمني ويحزنني أن العالم كله يعرفني الآن، ولكن لا يعرفني أحد في بلدي مصر، التي أتمني أن أكون خادما لها وأن أعود للعمل بها»، هكذا يتحدث شطا عن مصر بكلمات مبهمة حينا ومتحفظة أحيانا، ملقية بظلالها علي ما يتردد عن إيقافه أمنيا ولساعات قد تطول لأيام في كل مرة يسعي فيها الرجل إلي زيارة بلاده خلال السنوات القليلة الماضية، بدعوي علاقته بالإخوان المسلمين.
وعن متابعته القضايا التي تثار علي الساحتين الدينية والسياسية في مصر، قال شطا إنه غير متابع للحركة الدعوية في مصر وإن كان يري أن عمرو خالد يتمتع بالقدرة علي التأثير في نفوس الشباب والتواصل معهم، لكن يبقي جهده أولي، وعلي العلماء «الرسميين» أن يكملوا المسيرة بعده.
وعن رؤيته لبعض فتاوي مفتي الجمهورية علي جمعة، التي أثارت الجدل مؤخرا، علق شطا قائلا - بأدب جم - إن السعيد من عدت غلطاته ولم تكثر سقطاته، مؤكدا في الوقت نفسه أنه لا يستطيع اعتبار المهاجرين المصريين الذين يلقون حتفهم غرقا سوي شهداء وفقا لما نصت عليه الشريعة الإسلامية.
وحول مراجعات الجهاد الجاري نشرها في «المصري اليوم» حاليا، وصف إمام مسجد نيوجيرسي هذه المراجعات بأنها «ممتازة» وتمثل فتحا جديدا في ميدان العمل الجهادي، وقال إنها كانت مطلوبة وكان ينبغي أن تظهر منذ سنوات، لأن مصر دفعت ضريبة هذا الفكر المتهور.
أما عن الإخوان المسلمين، فلم يمانع الشيخ شطا أن يكون لهم برنامج سياسي «لكن ليس علي حساب الوحدة الوطنية»، وأوضح أنه يختلف معهم في بعض القضايا وعلي رأسها رفضهم ولاية المرأة، مؤكدا أنه لا يقبل أن تكون المرأة قاضية فقط بل رئيسة دولة طالما جاءت بالطرق الديمقراطية، مضيفا أن هذا أفضل له من أن يأتي أي رجل بالطرق الديكتاتورية، كما رحب بشدة بتولي قبطي منصب رئيس الجمهورية إذا ما فشل المرشح المسلم في ذلك من خلال الوسائل الديمقراطية.